A fighter jet is launched from the U.S. Navy aircraft carrier USS Dwight D. Eisenhower during a strike against what the U.S. military describe as Houthi military targets in Yemen, February 3, 2024. U.S. Navy/Mass Communication Specialist 2nd Class Jorge LeBaron/Handout via REUTERS.
A fighter jet is launched from the U.S. Navy aircraft carrier USS Dwight D. Eisenhower during a strike against what the U.S. military describe as Houthi military targets in Yemen, February 3, 2024. U.S. Navy/Mass Communication Specialist 2nd Class Jorge LeBaron/Handout via REUTERS.
Report 9 / United States 20+ minutes

الالتفاف على الضوابط القانونية: صلاحيات الحرب الأميركية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر

في خضم الحرب الدائرة في قطاع غزة، لجأت إدارة بايدن إلى استعمال القوة العسكرية دون أخذ موافقة الكونغرس، الأمر الذي يفاقم من تآكل الضوابط الدستورية في هذا المجال. تتمثل الأولوية الأولى الآن بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن إصلاح الصلاحيات المتعلقة بالحرب مهمة حيوية للمستقبل.

[ترجمة من الإنكليزية]

ما الجديد؟ لقد تسببت هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والحملة العسكرية الإسرائيلية التي تلتها على قطاع غزة، بجولة جديدة ومتجددة من الأعمال القتالية في جميع أنحاء الشرق الأوسط شاركت فيها الولايات المتحدة وجماعات متحالفة مع إيران. لقد التفَّت إدارة بايدن على الضوابط القانونية من أجل الانخراط في القتال دون موافقة الكونغرس الأميركي.

ما أهمية ذلك؟ تُقسَم عملية صنع القرار بشأن استعمال القوة في الولايات المتحدة بين الكونغرس والرئيس. وتهدف هذه الخاصيّة إلى ضمان إجراء المداولات اللازمة فيما يتعلق بمسائل الحرب والسلم. لكن هذه الضمانات تلاشت، مع تركُّز السلطة في الرئاسة. وتسرِّع التكتيكات القانونية التي اتبعتها إدارة بايدن بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر هذا الاتجاه.

ما الذي ينبغي فعله؟ في الوقت الذي ينبغي أن تكون الأولوية الفورية لواشنطن التوسّط لإنهاء الأعمال القتالية في غزة، ومنع التصعيد في أماكن أخرى في المنطقة، فإن تآكل إطار صلاحيات الحرب بحاجة إلى معالجة على المدى الطويل، وينبغي على الحكومة الأميركية إعادة فرض الضوابط القانونية على شن الحروب المتهورة.

الملخص التنفيذي

مع لجوء الجيش الأميركي إلى القوة العسكرية لإدارة التداعيات الناجمة عن الحرب في قطاع غزة – في سورية، والعراق والبحر الأحمر – وجدت إدارة بايدن صعوبة كبيرة في تحقيق التوافق بين أفعالها والضوابط القانونية التي تهدف إلى منع الرئيس من الدخول في حرب دون تفويض من الكونغرس. إن الأسئلة المتعلقة بكيفية تقسيم صلاحيات الحرب بين الكونغرس والرئيس إشكالية جداً، وقد طورت الإدارات المتعاقبة نظريات عدوانية بشأن الحالات التي يكون الرئيس فيها مفوضاً بالدخول في حرب دون موافقة المشرِّعين. فمن أجل إفساح المجال للانخراط في الأعمال القتالية التي تلت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وسَّعت إدارة بايدن هذه الترسانة من الحجج، على نحو زاد في تآكل الضوابط القانونية التي، رغم عدم مثاليتها، تساعد في منع أقوى دولة في العالم من الانزلاق إلى حرب متهورة. رغم أن أولوية الولايات المتحدة يجب أن تكون الآن التوسط لتحقيق السلام في قطاع غزة وتجنب حدوث مزيد من التصعيد الإقليمي، ينبغي على واشنطن، على المدى البعيد، أن تشرع في إصلاح إطار صلاحيات الحرب. وتوفِّر الإصلاحات التشريعية التي قُدمت في السابق في مجلسي الكونغرس مساراً واعداً للتقدم إلى الأمام.

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما هاجم مسلحو حماس جنوب إسرائيل، وقتلوا نحو 1,200 شخص وأخذوا مئات الرهائن، لعبت الحكومة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن دوراً معقداً. فقد سلَّحت إسرائيل ووفرت لها الدعم السياسي في الوقت نفسه الذي أرسلت مساعدات إنسانية إلى السكان المدنيين الذين يعانون في قطاع غزة، وشجعت على إنهاء الأعمال القتالية. لكن انخراط واشنطن ذهب أبعد من ذلك؛ إذ إنه شمل المشاركة في القتال في الحرب.

تُعدُّ الأعمال العسكرية الأميركية المرتبطة بحرب غزة، إلى حد ما، امتداداً لموقف واشنطن وإرثها في الشرق الأوسط. لقد تمركزت القوات الأميركية في العراق وسورية منذ حملة إدارة أوباما لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2014 – رغم أن وظائفها تبدو في كثير من الأحيان على أنها تهدف إلى مواجهة إيران. سرعان ما انجرَّت هذه القوات إلى الأعمال القتالية مع قيام المجموعات الشقيقة لحماس في "محور المقاومة" المرتبط بإيران بضرب القوات الأميركية كي تظهر دعمها لحلفائها الفلسطينيين.

لكن انخراط الولايات المتحدة يتجاوز كونه دفاعاً عن القواعد العسكرية ضد الهجمات. إذ إن القوات المسلحة الأميركية وضعت نفسها مباشرة بين إسرائيل وخصومها. مباشرة بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، سعت إدارة بايدن إلى ردع إيران والمجموعات الوكيلة لها، مثل حزب الله، عن تعزيز مزاياها النسبية ضد إسرائيل المنصرفة إلى جبهة أخرى وإشعال حرب إقليمية. ومن أجل التأكيد على جديتها، نشرت الولايات المتحدة سفناً حربية وقوات إضافية في شرق المتوسط. كما أرسلتها إلى البحر الأحمر، حيث بدأ الأسطول الأميركي مباشرة بتبادل إطلاق النار مع المتمردين الحوثيين الموجودين في اليمن الذين أطلقوا صواريخ على إسرائيل لم تُحدث أثراً فعلياً قبل تغيير أهدافها إلى ضرب السفن التجارية. ساعد تحالف تقوده الولايات المتحدة في إسقاط وابل من المسيَّرات والصواريخ التي أطلقتها إيران في 13 نيسان/أبريل 2024 رداً على قصف إسرائيل لمنشأة قنصلية في دمشق، كما انتشرت القوات الأميركية أيضاً في رصيف بحري بنته الولايات المتحدة على ساحل غزة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية بحراً.

من الناحية العملية، عملت الولايات المتحدة على إدارة مخاطر التصعيد، لكنها وسَّعت صلاحياتها القانونية لتتمكن من فعل ذلك، بطرق قد يكون لها تداعيات خطيرة. في النظام الأميركي، من صلاحيات الكونغرس "إعلان الحرب"، والرئيس مطالب قانونياً بسحب القوات الأميركية من الأعمال القتالية بعد 60 يوماً في غياب تفويض تشريعي. لكن إدارة بايدن لم تسعَ للحصول على تفويض من الكونغرس لانخراطاتها العسكرية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر. بل إنها بحثت عن طرق للالتفاف على الضوابط القانونية الموضوعة لمنع الولايات المتحدة من المشاركة في الحرب دون حدوث مداولات. في بعض الحالات، اعتمدت الإدارة على إستراتيجيات قانونية كان قد استعملها أسلافها. لكنها مضت أبعد من ذلك، من خلال التفسير التوسعي للقوانين الهادفة إلى ضبط إقحام القوات الأميركية في الأعمال القتالية. وباتت السوابق التي خلقتها متوفرة الآن لجميع الرؤساء الأميركيين القادمين، الأمر الذي يعمق الغور العميق والواسع أصلاً من الصلاحيات العسكرية.

لم يفعل الكونغرس شيئاً يذكر لوقف أعمال الإدارة. إلى حد ما، فإن الواقع السياسي يفعل فعله هنا؛ فبالنظر إلى الدعم الواسع الذي تحظى به إسرائيل في السلطة التشريعية، من غير المرجح أن يستعمل الكونغرس هذه المناسبة للشروع في مساءلة تفويض السلطة التنفيذية في مجال استعمال القوة. وحتى الأعضاء الذين يُبدون عدم ارتياحهم حيال الأفعال الأحادية للسلطة التنفيذية، سيتحاشون سن تشريعات تقلص الأعمال القتالية الأميركية، بالنظر إلى أنه من المرجح لأي إجراء من هذا القبيل أن يفشل. كما أنه ثمة فرصة في أن يمنح المشرعون، بدلاً من ذلك، التفويض بهذه الصراعات، ومن ثم فإن التفويض بدخول الحرب يمكن أن يصبح أداة في يد صقور الكونغرس لإعطاء البيت الأبيض صلاحيات أكثر مما يرغب به – على سبيل المثال إيجاد أساس قانوني لشن الحرب على إيران. ما من شيء يستحق اتخاذ هذه المخاطرة في الظروف الراهنة.

لكن أفعال الإدارة، وعطالة الكونغرس، لها أثمان حقيقية؛ إذ باتت التكتيكات التي استعملتها إدارة بايدن الآن جزءاً من دليل صلاحيات الحرب الذي يمكن لإدارات مستقبلية أن تستند إليها. ستساعد الرؤساء القادمين في الالتفاف على القواعد الهادفة إلى تعزيز الشفافية والتداول بين فروع الإدارة، بينما تقيد الرغبة بالدخول في حرب متهورة. يعبر بعض المسؤولين السابقين عن قلقهم من أنه بجعل استعمال القوة أداة متاحة، فإن تآكل الضوابط القانونية لصلاحيات الحرب يزيد من احتمالات استعمال الحرب كأداة في إدارة الدولة – يمكن اللجوء إليها بسهولة أكثر مما ينبغي عندما يتبين أن الحلول الدبلوماسية صعبة المنال. إنه قلق مفهوم ويمكن معالجته فقط من خلال الإصلاحات التشريعية.

سيكون إصلاح الضوابط القانونية أمراً صعباً ومعقداً، لكن الكونغرس أعاد معايرة توازن صلاحيات الحرب من قبل. ففي عام 1973، سن قانوناً إصلاحياً أعاد التأكيد على صلاحيات الكونغرس في المسائل المتعلقة بالحرب والسلم. وذلك القانون جزء من النظام الذي تآكل الآن، لكن يمكن إعادة إحيائه. وبالفعل، فإن رعاة من الحزبين قدموا مشروع قانون في كلا مجلسي الكونغرس من شأنه تحقيق ذلك. يمكن لمشروع القانون إغلاق الثغرات التي استعملتها الإدارات المتعاقبة لتبرير قيام السلطة التنفيذية بالتشريع أحادياً وتوجيه الكونغرس نحو تفويضات ضيقة ومحدودة زمنياً.

لا يحظى الإصلاح التشريعي باحتمالات تحقق واقعية على المدى القصير، إذ تركز الإدارة، وهي محقة في ذلك، على دفع إسرائيل وحماس إلى وقف لإطلاق النار، وتواجه الولايات المتحدة صعوبات كبيرة في حملة دراماتيكية قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر. لكن على المدى البعيد، فإن ذلك يُعدُّ هدفاً يستحق العناء، وينبغي على داعميه الاستمرار في البحث عن فرص لتحقيق تقدم فيه. كانت آخر مرة راجع الكونغرس جدياً صلاحيات الحرب نحو نهاية الصراع في فيتنام – في رد على التوسيع غير المفوَّض به للحرب المدمرة في جنوب شرق آسيا. لا ينبغي على قادة واشنطن السياسيين الانتظار كي يكرر التاريخ نفسه قبل أن يتحركوا مرة أخرى.

واشنطن/بغداد/دبي/بروكسل، 24 تموز/يوليو 2024

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.