دارفور: خطر دائم
دارفور: خطر دائم
Working with Others to Halt Sudan’s Collapse
Working with Others to Halt Sudan’s Collapse
Op-Ed / Africa 2 minutes

دارفور: خطر دائم

على مرّ ثلاث سنوات، شهد العالم تدهوراً للأوضاع في منطقة دارفور في السودان، إذ تسبّبت حركة مكافحة العصيان الوحشية بإحدى أكبر الكوارث البشرية في زمننا. وبغض النظر عن التغطية الإعلامية الواسعة في أنحاء العالم، وعلى رغم اتّهامات المجازر التي أطلقها زعماء العالم، وتحدياً لقرارات مجلس الأمن، لا يزال الرعب مستمرّاً.

لقي 180 ألف مدني على الأقل حتفهم الى حينه، وأُرغم أكثر من مليوني شخص على هجر منازلهم مع قيام مقاتلي الجنجويد الذين تدعمهم الحكومة باجتياح الأراضي وحرق القرى واغتصاب النساء والفتيات وتدمير موارد المياه ومخزونات الطعام والماشية. وانتهى الأمر بمعظم الناجين الى مخيّمات للمهجّرين داخل السودان. ويزداد وضعهم اليوم خطورة في غرب دارفور، قرب بلدة الجنينة وعلى طول الحدود مع تشاد، حيث يحول عدم الاستقرار الدائم دون دخول المساعدات الإنسانية في الشهور الأخيرة الماضية، فضلاً عن منطقة جنوب درافور والمنطقة المحيطة بنيالا.

أما اللاجئون الذين يناهز عددهم مئتي ألف تمكّنوا من العبور إلى تشاد المجاورة، فهم أيضاً في وضع حرج. اذ بات مقاتلو الجنجويد والثوار التشاديون يشنّون ضد تشاد غارات أكثر جرأة، فضلاً عن العلاقات التي تتدهور بشكل متزايد بين الدولتين (باستثناء القمة المصغرة بين الرئيسين في 8 شباط) والتي تهدّد بالتحوّل إلى حرب بالوكالة واسعة النطاق، مع دعم كلّ جهة لثوّار الدولة الأخرى.

أخفقت المفاوضات المستمرة في أبوجا بين الخرطوم وثوار دارفور في تحقيق أي تقدم ملحوظ حتى الآن. وتعثّرت هذه الجهود بسبب الانقسامات داخل حركات الثوار وغياب سياسة مشتركة لدارفور داخل حكومة الوحدة الوطنية السودانية وفقدان التنسيق والرؤية المشتركة بين فريق الوساطة التابع للاتحاد الأفريقي وشركائه الدوليين.

وباختصار، فإن فاجعة دارفور ليست مستمرّة فحسب بل انها تتفاقم.

حاولت بعثة الاتّحاد الأفريقي في السودان مد يد المساعدة، لكنّ حجمها صغير جداً ولا تتمتع بالتفويض الملائم. لحسن الحظّ، تحظى فكرة تحويل هذه البعثة إلى بعثة تابعة للأمم متحدة بدعم متنام، لكنّ هذا وحده لن يكفي. إذ يجب أن تكون هذه البعثة منضوية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وعليها أن تحظى بتفويض واضح وقوي يسمح لها بحماية نفسها وحماية المدنيين بالقوة في حال لزم الأمر، كما عليها حلّ قوّات الجنجويد ونزع سلاحها. كما يجب تمكين المهمة بشكل محدّد يسمح لها بتأمين المساندة اللازمة لتحقيقات المحكمة الدولية في دارفور، بما في ذلك اعتقال الأفراد المتّهمين بارتكاب جرائم ضد البشرية وبجرائم حرب.

وأوصى يان برونك، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتّحدة في السودان، بإرسال قوة كبيرة كافية لتوفير الأمن في دارفور، أي نحو 20 ألف رجل. وإن رفضت حكومة السودان، التي فشلت تكراراً وبوضوح في تولي مسؤولية حماية المواطنين خاصتها، في إدخال قوّة كهذه، يتعين على مجلس الأمن فرض عقوبات موجّهة إضافية إلى ان توافق الخرطوم، أي إضافة الى العقوبات التي وافق مجلس الأمن على فرضها، والتي يجب بأي حال تطبيقها بسرعة.

لكن حتى مع إرسال المزيد من القوات الدولية الى السودان ومع تعزيز التفويض والصلاحيات الجاري حالياً، فإن أياً من التدابير لن يكون مطبقاً على الأرض قبل ستّة أو تسعة شهور على الأقل. وفي غضون ذلك، تفتقر منطقة دارفور الى حاجات ملحة ويتعين على المجتمع الدولي معالجتها. فلا بد ان يتحرّك مجلس الأمن على الفور لدعم قوّة الاتحاد الأفريقي المتمركزة في دارفور، عبر نشر المزيد من الجنود والمعدات والدعم اللوجستي والتمويل وموارد أخرى من القوات الوطنية والمتعددة الجهات. كما تبرز حاجة ضرورية لمراقبة دولية للحدود مع تشاد.

لكنّ المهمّة الأكثر إلحاحاً الآن هي حماية حياة المدنيين المعرضين للخطر. فثلاث سنوات من الجمود والإجراءات المجتزئة التي قام بها المجتمع الدولي لم تنفع، وحياة الملايين من أولئك الناس اليائسين معرضة لخطر متزايد.

عضوة مجلس إدارة «مجموعة الأزمات الدولية» والمجوعة الليبرالية في البرلمان الأوروبي.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.