الرهان على انتخابات مجالس المحافظات في العراق
الرهان على انتخابات مجالس المحافظات في العراق
After Iraq: How the U.S. Failed to Fully Learn the Lessons of a Disastrous Intervention
After Iraq: How the U.S. Failed to Fully Learn the Lessons of a Disastrous Intervention
Op-Ed / Middle East & North Africa 2 minutes

الرهان على انتخابات مجالس المحافظات في العراق

جوست هيلترمان وبيتر هارلينغ      الحياة  
بعد غد السبت يتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجالس محافظات جديدة. إلا أن الرهانات كبيرة لا سيما أن انتخابات العام 2005 مهّدت السبيل لسير العراق على طريق الحرب الأهلية. ولكن هذه الانتخابات قد تشكل نقطة تحوّل أكثر سلمية تقوم على أهداف مهمة عدة، أبرزها: تجديد الإدارة المحلية، واختبار قوة مختلف الأطراف، وتزعّم اتجاهات سياسية وطنية قبل الانتخابات التشريعية المقررة في العام 2009. وفي محافظات عدة، قد تسعى أحزاب جديدة أو أحزاب فشلت منذ أربعة أعوام إلى الحد من سيطرة بعض الأحزاب القائمة التي تشوّه حكمها بفعل سوء الإدارة والفساد.

من شأن معسكرين انتخابيين - العرب السنة والشيعة الفقراء من اهل المدن - أن يحسما نتيجة الانتخابات، تماماً كما أثر غيابهما على النتائج منذ أربعة أعوام، ما أدى إلى اختلال التمثيل في مجالس المحافظات التي غالباً ما تعجز عن تلبية الاحتياجات الشعبية وتعكس ازدياد الشكاوى المحلية. ولا شك أن الاستياء من سوء الإدارة والفساد على مدى أربعة أعوام قد ساهم في بروز المستقلين الذين سيتنافسون على المقاعد على أمل تقليص نفوذ الأحزاب الحاكمة. وفي المقابل، ستسعى الأحزاب نفسها الى كسب ولائهم ما أن تظهر النتائج.

اليوم، وحتى قبل انطلاق الدورة الأولى، تسجّل الانتخابات مرحلة انتقالية مهمة لأن كل اللاعبين قبلوا مبدأ الانتخابات، على الأقل حالياً، ما ينبئ بعواقب قاسية، ذلك أنه يصعب على الأحزاب الحاكمة ترجمة الاستياء الشعبي إلى رفض الاقتراع. لذا، ستستخدم السيطرة التي تمارسها على المؤسسات السيادية، من الجهاز الأمني إلى المساجد الخاضعة لسلطة الدولة، فضلاً عن الثروات ونظام الرعاية للتأثير في مسيرة الاقتراع. وتبقى الخشية من التزوير، بالرغم من المراقبة المحلية، وفي غياب المراقبين الدوليين، ومع معارضة منقسمة بشكل لا امل في تجاوزه.

حتى النتائج الناقصة ستسمح بتقويم بعض المشاكل التي رافقت انتخابات العام 2005. فلا بدّ للمسار الانتخابي أن يحتفظ بالقيم والفضائل وإن بقيت الأحزاب الحاكمة على نفوذها، نظراً إلى توفّر مفهوم المحاسبة الذي طال ممارسات الأعوام الأربعة السابقة، وعدم سعي معظم أعضاء المجلس إلى إعادة انتخابهم، وإجبار الأحزاب على تغيير خطابها ووجوهها والاعتماد على المستقلين. فمن المرتقب أن تظهر نخبة سياسية جديدة، بفضل هذا التدفق من المستقلين (اسمياً وفعلياً) بخلفية تكنوقراطية.

مع أن معظم المحافظات قد يشهد تراجعاً بسيطاً في نفوذ الأحزاب الحاكمة، إلا أن التغيرات في عدد منها ستكون مهمة. هذه هي حال ساحة المعركة ليس لأن النتائج ستكون متقاربة حتماً وإنما لأن المعركة ستكون محتدمة فعلاً، ولا سيما في بغداد العاصمة، والبصرة الغنية بالنفط والتي يعتبر مصيرها مهماً، ونينوى (الموصل)، وديالى (بعقوبة) والأنبار (الرمادي) حيث تعرّضت نتائج العام 2005 للتحريف.

قد يكون من الجائر أن نقلل من أهمية هذه الانتخابات ومن الخطأ أن نبالغ في تقديرها. بعد أكثر من عام على حرب مذهبية خطرة، كان التقدّم محدوداً في إرساء أسس سلام مستدام وقيام دولة فاعلة. الواقع أن الحكومة العراقية وإدارة بوش قد عمدتا إلى تحديد الاستقرار وآليات بناء الدولة عبر إعادة تشكيل الجهاز الأمني. حتى في هذا المجال، تم الخلط بين النتائج التي كانت أسوأ في مجالات أخرى، مثل تأمين الخدمات والإجراءات القضائية. في الأساس، سيبقى العراق دولة هشة طالما أن اللاعبين الأساسيين لم يتمكنوا من تجاوز الخلافات للتوصل إلى اتفاق حول توزيع السلطة والأرض والموارد، وطالما أن الولايات المتحدة لم تتمكن من التوصل إلى تفاهم مع الجيران القلقين من التوتر الأمني السائد في العراق والحريصين على تأجيجه عند الضرورة لحماية مصالحهم.

إلا أن التجربة الحالية في الديموقراطية ستبقى واعدة، فقد ينجح جيل جديد من السياسيين الذين جاءوا بفعل الدعم الشعبي في المسار الانتخابي والمفوّضين بامتيازات جديدة في المجالس، في الارتقاء إلى المستوى الوطني - إن لم يكن حالما تجري الانتخابات التشريعية لاحقاً هذا العام، فبالتأكيد في الاعوام الأربعة التالية. ومن البديهي أن تكون أعباء هؤلاء المشرّعين الناشئين في كنف الوطن - غير الملوّثين بالفساد، والمجددين بولائهم الأقل مذهبية ظاهرياً والأكثر وطنية عقائدياً - أقل من القيادة الحالية، فيكونون أكثر جاهزية واستعداداً للتسويات وقدرة على مساعدة العراق على سلوك درب الاستقرار وإن كان بخطوات هشة.

Contributors

Profile Image
Profile Image

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.