The newly-elected president of Iran, Masoud Pezeshkian, during the presidential endorsement ceremony, on 28th July 2024, Tehran, Iran. CREDIT: Khamenei.ir
The newly-elected president of Iran, Masoud Pezeshkian, during the presidential endorsement ceremony, on 28th July 2024, Tehran, Iran. Khamenei.ir
Report 245 / Middle East & North Africa 20+ minutes

رجل في وضع حرج: مسار للأمام للرئيس الإيراني الجديد

 

يستلم الرئيس التاسع للجمهورية الإسلامية مهام منصبه بتركة لا يحسد عليها من استياء داخلي، واضطرابات إقليمية وعلاقات سيئة مع الغرب. ينبغي أن يعمل على ردم الفجوة القائمة بين الدولة والمجتمع، بينما يتعين على القوى الخارجية أن تختبر استعداد إدارته للتحوّل عن موقفها التصعيدي

ما الجديد؟ فاز مسعود بيزكشيان، وهو برلماني إصلاحي، على خمسة مرشحين محافظين ومتشددين، بانتخابات رئاسية نُظِّمت على عجل في إيران في أعقاب وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في تحطم طائرة مروحية. ومن المقرر أن يتم تنصيبه رسمياً في 30 تموز/يوليو.

ما أهمية ذلك؟ خاض بيزكشيان حملته الانتخابية على وعود بتحقيق الوحدة الوطنية وتخفيف صرامة السياسات الاجتماعية–الثقافية وتحسين الاقتصاد من خلال إدارة أكثر كفاءة وإقامة علاقات أفضل مع الغرب. من المرجح أن يواجه معارضة شديدة من المتشددين إذا حاول تغيير الوضع الراهن، وأن يواجه انتقادات من أنصاره إذا لم يفعل.

ما الذي ينبغي فعله؟ رغم أن صلاحياته محدودة، ينبغي على بيزكشيان أن يتصدى لتحدي معالجة المظالم الاجتماعية والاقتصادية. وينبغي على الحكومات الغربية وحكومات الخليج العربية اختبار قدرته على رسم السياسة الخارجية. يمكنهم أن يبدؤوا انخراطاً بنّاءً من خلال محاولة إعادة إحياء الترتيبات غير الرسمية لعام 2023 بين الولايات المتحدة وإيران التي كانت تهدف إلى خفض تصعيد التوترات الإقليمية والنووية.

الملخص التنفيذي

يستلم الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزكشيان، مهام منصبه بعد أن تعهد بالسعي لتحقيق التغيير، وفي الوقت نفسه المحافظة على التماسك السياسي، مدركاً العقبات الهائلة الماثلة أمامه. إنه مدين بصعوده غير المتوقع لوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في تحطم طائرة مروحية في أيار/مايو. دخل بيزكشيان، جرّاح القلب والبرلماني المغمور الذي ينتمي إلى المعسكر الإصلاحي من الطيف السياسي، منافسة حُضِّرت على عجل لخلافة رئيسي على برنامج يشمل الوحدة الوطنية، وسياسة اجتماعية وثقافية أقل تقييداً، وتعزيز الإدارة الاقتصادية وتحسين العلاقات مع الغرب. سيواجه تحديات رئيسية تتمثل في معارضة متشددة، وأضعف تفويض لأي رئيس إيراني منذ ثورة عام 1979، وخبرة تنفيذية محدودة، واضطرابات شرق أوسطية وانعدام يقين سياسي في واشنطن قد يعيق تخفيف العقوبات الأميركية. لكن ثمة أشياء تستطيع حكومته فعلها. ينبغي أن تبدأ العمل على جسر الفجوة القائمة بين الدولة والمجتمع داخلياً والسعي إلى استعادة الترتيبات مع الولايات المتحدة التي أوقفتها حرب غزة. ويتعين على الحكومات الغربية وحكومات الخليج العربية أن تحاول الانخراط مع إدارته بشأن الهواجس النووية والإقليمية.

خلال السنوات الأربع الأخيرة، أقصى المحافظون على نحو واضح الشخصيات الإصلاحية والوسطية من السياسة الوطنية وعززوا نفوذهم على جميع مراكز القوى الرئيسية. وكانت النتيجة وجود نظام هشٍ أيديولوجياً متمسك بالقيم الثورية المتشددة في سياسته الاجتماعية–الثقافية – حتى بالقياس مع سجل النظام نفسه – ومصمم على موقفه من الغرب ومقتنع بقدرته على تحسين الأوضاع الاقتصادية رغم العقوبات. لكن فترة رئاسة رئيسي، التي انقطعت قبل انتهائها، أبرزت نواقص هذه المقاربة. فقد انفجر الإحباط الشعبي من قمع النظام على شكل احتجاجات جماهيرية في أواخر عام 2022، قمعتها الحكومة بقوة وحشية. يتعارض الحديث المتفائل الذي يستعمله المسؤولون فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي وتحسين التجارة مع الصراعات اليومية ضد ارتفاع التكاليف وتدهور العملة المحلية. وتصاعَد الاقتتال الداخلي في الدوائر المتقلصة للسلطة، وتنافس المحافظون على فرض نفوذ أكبر. شهد النظام، الذي طالما أشار إلى صندوق الاقتراع بصفته دليلاً على شرعيته، تراجعاً ثابتاً ومستمراً في مشاركة الناخبين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

عندما توفي رئيسي، لم يكن ثمة ما يبرر توقُّع تغيُّر هذا الاتجاه. إذ كان خمسة من أصل المرشحين الستة الذين اعتبرهم مجلس غير منتخب مؤهلين للتنافس على الرئاسة، من المعسكر المحافظ؛ وكان بيزكشيان سادسهم القادم من موقع هامشي. إن هذا الرجل الموالي للنظام لكن الناقد لتوجهاته، خرج فائزاً من منافسة على جولتين، ساعدته في ذلك الانقسامات في أوساط خصومه والشعور بالرعب من توجهاتهم المتزمتة.

كثيرون داخل إيران وخارجها لا يتوقعون الكثير من الرئيس الجديد. لقد خاض حملته الانتخابية بدعوات من أجل التوافق السياسي، وتنفيذاً أقل صرامة للقيود الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك على لباس المرأة، وإصلاحات اقتصادية يقودها خبراء، وإعادة التوازن إلى السياسة الخارجية في وقت ساءت فيه العلاقات مع الغرب. لكن من الواضح أن الحديث عن برنامجه سيكون أسهل من تنفيذه. إذ يُحكِم المحافظون قبضتهم على المؤسسات الرئيسية في البلاد، ومن المرجح أن تقاوم عناصرهم الأكثر تطرفاً حتى جهوداً متواضعة لتغيير الوضع الراهن داخلياً. أما الديناميكيات الإقليمية، التي تُعدُّ من اختصاص قوات الحرس الثوري الإسلامي، فهي متقلبة. وستنطلق محاولات نزع فتيل التوترات مع الولايات المتحدة وأوروبا بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي تقدَّم كثيراً منذ انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 الذي كان يكبح جماحه، من نقطة تتميز بشكوك متبادلة عميقة. سيكون للانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر أثر كبير على الدبلوماسية، التي من المرجح أن تكون صعبة إذا وصلت إدارة ديمقراطية أخرى إلى الرئاسة، وستكون أكثر خصامية إذا حلت محلها إدارة جمهورية.

لقد كان بيزكشيان نفسه حذراً في إدارة التوقعات المتعلقة بما يستطيع إنجازه. إذ خفضت خطاباته خلال الحملة حول أولويات السياسة الداخلية والخارجية من احتمالات حدوث تغيير جذري، وأكد على بناء التحالفات مع جميع مكونات الطيف السياسي وأقر بمحدودية سلطاته. فإضافة إلى المخاوف بشأن المبالغة بالوعود، فإنه ربما كان يهدف إلى تخفيف أثر انتقادات خصومه المحافظين وأنصارهم.

سيواجه بيزكشيان مقاومة من المتشددين في عمله على تنفيذ أجندته، لكن يجب أن يجد طريقة للتغلب على هذا التحدي. في جولات متكررة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، أوضح كثير من الإيرانيين عدم رضاهم عن الاتجاه الذي اتخذته الجمهورية الإسلامية. ويُعد انخفاض معدلات المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي رتبت على عجل، والذي جاء منسجماً مع الاتجاه العام على مدى السنوات الأربع الماضية، علامة أخرى على ذلك. كي يستفيد من أفضل فرصة لتخفيف حدة الاستياء وإرضاء أولئك الذين دعموا ترشحه، ينبغي على بيزكشيان أن يظهر قدرته على تنفيذ ما وعد به – على الأقل تدريجياً – فيما يتعلق بوعوده بتخفيف القيود الاجتماعية والثقافية الخانقة وتحسين الأحوال الاقتصادية، خشية أن يتحول بصيص أمل الإصلاح إلى فجر زائف آخر ويغذي الاستياء الشعبي من النظام. ومن أجل توفير فضاءٍ يمكِّن بيزكشيان من النجاح، ينبغي على المؤسسات الإيرانية القوية والقائد الأعلى، آية الله علي خامنئي، كبح جماح المحافظين المتطرفين، الذين فاقمت رؤيتهم من مصائب البلاد وباتت تهدد استقرارها.

في هذه الأثناء، ينبغي على الحكومات الغربية التي تدهورت علاقاتها بطهران خلال وجود رئيسي في السلطة أن تنخرط مع الإدارة الجديدة وأن تعمل للتوصل إلى تفاهمات مؤقتة تشكل ضوابط لمخاطر التصعيد وأن تستكشف الخيارات من أجل التوصل إلى أطر دبلوماسية أكثر استدامة، بما في ذلك من خلال إشراك دول الخليج العربية. قد توفر الرغبة المعلنة للرئيس بتحسين العلاقات وخفض التوترات في الشرق الأوسط – بمزيج من الحظ، والمهارة والمثابرة – إلى إيجاد نافذة لوقف أو حتى عكس مسار برنامج إيران النووي. وتتمثل الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك في المحاولة.

طهران/واشنطن/بروكسل، 30 تموز/يوليو 2024  

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.